حورية العين بنت ملك البحار

Huriya Al-'in Benat Malik Al-bahar

Début

Entrée au
salle d'exposition

Tendjibaye l'artiste

Ahmed Jabear
l'écrivain

Section
Recherche

Problèmes

Solutions

 

 أ.جابر

لم يعرها اهتماما عندما سلَّم عليهم. لكنّ صوتها باغت طبلتي أذنيه. نظر إليها مُتُحفِّظاً في أقلّ من ثانية، فوجدها غير مُتُحفِّظة خلاف الَّلاتي اعتاد أن يتعرف عليهن في إطار عمله. لا طويلة وقصيرة لا مردفة ولا جرداء وما يظهر من وجهها كان عارياً إلا من لسعة الحرّ مما يجعل بشرة وجهها أقرب إلى لون الحنطة. رغم الحشمة التي بدت واضحة من ألوان ملابسها وتعابير وجهها، كانت عيناها تخفيان أنوثة جادة ممزوجة بأمومة مبكرة وشباب غض

لا يوجد ما يشغله في ذاك اليوم وواضح أنَّ في نيَّتهم إطالة الحديث معه. صافحهم مودِّعاً وأحسَّ أنها لم تتعمَّد أن تكون آخر المصافحين. كانت يدها العارية من كل أنواع الحلي لا ناعمة ولا خشنة ولا دافئة ولا باردة. توغَّلت عيناه في عينيها وذهبتا بعيداً، لم تكن ملابسها سميكة يصعب اختراقها، كانت تلفّ خلف رأسها شعراً سبيبياً مفتولاً بطول ذنب المهر الرضيع، لو أطلقت له العنان لانساب حتى لامس أعلى خصرها ذي الانحناءة المتوسطة. أخذت عيناه نفساً قصيراً هناك ثم انحدرتا باتجاه صدرها، نتأتان بلون بيض الدجاج البري يفصلهما مجري تبلِّله حبيبات العرق. كان الوقت مبكراً لكن شدَّة ارتفاع درجات الحرارة تجعل حتى الحجارة تتصبب عرقاً. استغفرتا ولعنتا الشَّيطان وفي طريق عودتهما استوقفتهما شفتان ناعمتا الملمس تكشفان عن أسنان طفل بيضاء ناصعة. بدا له وجهها رسم زيتي تختلط فيه جماليات الفوضى وعلم النفس        

-  أين سمعت هذا الصوت ؟

حاول بلا جدوى أن يقمع نفسه عن التمادي في طرح الأسئلة.

قال مصححاً نفسه: أين رأيت هذا الوجه ؟

      حملق بعينيه في الفراغ المحدود أمامه حتى انفصل عن المكان وبدأ الزَّمن يتراجع، كانت الذِّكريات والصُّور أحداث حيَّة لكنَّها متداخلة كألوان الغسق. معركة الذِّكريات، كل وجه يصارع ليملأ الفراغ اللامتناهي أمام عينيه وكل حدث يُلملم خيوطه كي يُصبح نصَّاً مكتملاً في ذهنه. تراجع الزَّمن بإيقاع أسرع وأصبحت الذِّكريات والوجوه تختفي كأحداث الفيلم الوثائقي.

حين كان صغيراً، عودته جدَّته أن تقصَّ عليه قُبيل النَّوم في ليالي الخريف المظلة حكاية "حورية العين بنت ملك البحار".

الجدَّة التَّي كانت تشبه القرميد المتآكل، تنفخ ما تبقى من روحها على الحورية بنت ملك البحار حتى جعلتها حقيقة حيَّة في حياته: الحورية بنت بيضاء مثل القطن وعيونها مثل القمر وأسنانها مثل اللَّبن وضفائرها مثل ذنب الفرس تلبس الحرير والذَّهب لعابها سمن البقر ودموعها العسل ووالدها ملك البحار: رجل خيله وجماله وأبقاره وضأنه بالألوف المكررة وله خدم من كل أطراف الدُّنيا. رجل كريم ضيوفه مائة في كل ليلة. ماءه من بئر زمزم وطعامه من مكة، من جاءه ضيفاً وغادره، أعطاه مقابل كل ليلة جواد أبيض. الحورية حارساتها بلا عدد ولا تقضي حاجتها إلا مرَّة على جرف البحر ويصعب أن يراها رجل لا من ناس البحور ولا من ناس التراب ومن يراها في تلك الأثناء يتزوجها، هكذا أرادت ووافقها أبوها الملك وأمها الملكة.

صارت الجدَّة كومة من تراب وبدأ الجميع يتناسونها سائلين المولى أن يجنبهم أرذل العمر، أما هو فلم يكن يعرف الحزن لكنّ صمته المتواصل أثار فضول الكبار. روي عن رفقته إنَّهم قالوا: في كل صباح يذهب باتجاه البحر وفي اللَّيل لا يلعب معهم، يتفرج عليهم حتى يتفرقوا

 في كل ليلة كان يفكر أن يذهب إلى البحر لكنه لم يصله. كان والده ضمن حلقة الذِّكر الصباحي، لمحه من بعيد فأشار إليه أن يأتي. جلس منتظراً حتى فرغوا. سأله والده ما إذا كان يشكو من علَّة ثم طلب إليه أن يتوسطهم. تمدد كالميت على القطعة التي تحوَّل لونها الأبيض إلى الأصفر الباهت. كانت الشَّمس بارتفاع عود الحربة ترسل أشعة خريفيَّة دافئة. تحركت الشِّفاه وطقطقت السِّبح وانهال عليه لُعاب طخين لزج. أمال رأسه متفادياً اللُّعاب حتَّى لا يسقط على وجهه. استمالته أشعة الشَّمس الدَّافئة فحدَّق في قرصها الذَّهبي برهة ثم أغمض عينيه وذهب في غفوة رأى أثنائها حورية العين بنت ملك البحار بشحمها ولحمها تقول له أن يتبعها وتطلب إليه أن لا يتأخر.

لما عادوا كانت الشَّمس تتوسط كبد السَّماء ترسل أشعة لاذعة. أجمعوا مُقسمين على أنَّهم رأوه يجري وكأنَّه يطير. جروا خلفه ولم يلحقوا به.

‏أيار‏  / 2004 

Portrait antérieur

Huriya Al-'in Benat Malik Al-bahar

par Ahmed Jabear

Prochain portrait

A ghanitan          Burdyun wa durawish          Une pièce de théatre

Huriya Al-'in Benat Melik Al-Bahar     Lignes qui nous guident sur le chemin

perspective globale        Tahrik An-nas

Cliquez ici pour consulter la page biographique d'Ahmed Jabear

Pour contacter l'artiste Ahmed Jabear directement, vous pouvez l'envoyer un e-mail à albithrah@yahoo.com

Nous invitons tou(te)s les artistes tchadien(ne)s d'aucun spécialité (écrivains, musiciens, portraitistes, sculpteurs...) de nous envoyer des extraits, des photos ou des cassettes de l'art qu'ils ont produit, pour que nous puissions vous donner une salle d'exposition dans notre galerie d'art tchadien au Tchad Virtuel. Votre salle comprendra une description biographie avec photo. Cela donnera l'occasion au monde entier de mieux vous connaître, et vos ouvrages. Si votre contribution répond aux critères demandés, nous vous donnerons une adresse e-mail spécifique, pour que les intéressés puissent vous contacter de partout dans le monde sur toute question sur vos oeuvres, même si vous habitez loin d'un lien internet actuellement. Si cela vous intéresse, écrivez-nous!

Écrivez-nous!